في الصورة بقع المحن موشومة على أيادي شريحة عريضة من عمال البناء، فقدت طبيعتها ونعومتها، تسيل منها الدماء دون أن تصل إلى قرار... وبعيدا عن جميع صناديق التضامن الاجتماعي، تتفاقم معاناة هذه الفئة يوما عن يوم، وشبح الموت يتربص بها الدوائر في أية لحظة.
"جذري الخبز الحافي" من الأمراض التي لم تصنفها منظمة الصحة العالمية وتتجاهلها، ولم تعرها الوكالات الاجتماعية لهيئة الأمم المتحدة أي اهتمام.
عمال البناء وأمثالهم يشتغلون في مجال البناء منذ عقود، يعتصرون الخبز من الصخر بالأسنان والأظافر، محرومون من كل الحقوق، من التغطية الصحية وشروط السلامة، مات عدد منهم في العمل، في حادث سقوط من فوق "السُلم"، أو من أعلى الطوابق العليا، ومنهم من سقطت عليه آلة بناء أو لبنة اسمنتية ومنهم من مسه الضيق وظلم رب العمل بجبروته وأنانيته وطرده من العمل لأتفه الأسباب، وعرض أسرته الصغيرة لمصير مظلم..ومنهم من يخضع للظلم ويتنازل عن حقوقه خوفا من فقدان مصدر رزقه تحت التهديد، وتلك نقطة يلوح بها أغلب أرباب العمل لاسكات صوت المقهورين والمظلومين في أوراش البناء...ويكتفي بمواجهته بعبارة مشهورة "جاي دير ليا النقابة هنا"؟؟؟
معاناة عمال البناء مع التصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي قصة مؤلمة لايعرف صروفها سوى من اقتحم هذا القطاع، فبعضهم يفاجئ حين يرغب في إجراء عملية لنفسه أو لأحد أفراد أسرته بأن مشغله صرح به فقط لأسبوع أو شهر من سنة وسنوات، ليقصد الوكالات البنكية كي يقترض مبالغ العملية الجراحية ويتحملها بفوائدها المرتفعة ولا من يجهر بهذا الحيف في وجه رب عمل متجبر..
تتفاقم معاناة فئة العاملين في مجال البناء وتبقى الشركات الكبيرة هي المستفيد الأول في ظل تغول اللوبيات وتقصير النقابات في حماية حقوق العمال الحلقة الضعيفة..
ويستمر "جذري الخبز الحافي" في الانتشار ونهش أيادي العمال المنحدر أغلبهم من المغرب العميق، في انتظار برامج الحكومات والبحث عن لقاح ناجع لهذا الوباء الفتاك..جدري الخبز الحافي..
ذ لحسن اكرام