لحسن الفقير
في زمن تزداد فيه التحديات التي تواجه التمدرس بالمناطق الجبلية، تبقى بعض المبادرات الإنسانية نبراساً يضيء طريق الأمل، ويعيد رسم ملامح المستقبل للأطفال المنقطعين عن الدراسة. من بين هذه المبادرات، برزت مؤخراً خطوة نبيلة قامت بها خلية اليقظة بثانوية تيفرت نايت حمزة، التي اختارت أن تشق طريقها نحو منطقة نائية من أجل هدف واحد: إرجاع تلميذ منقطع إلى صفوف الدراسة.
الرحلة لم تكن سهلة، فقد توجه أعضاء الخلية إلى دوار إيريران التابع لجماعة بوتفردة بإقليم بني ملال، رحلة شاقة استغرقت يوماً كاملاً، قطعوا خلالها نصف المسافة على متن السيارة، فيما اضطروا لقطع النصف الآخر مشياً على الأقدام، بسبب صعوبة التضاريس والمسالك الوعرة.
لكن العناء تبدد لحظة رؤية التلميذ يعود إلى القسم، محملاً بنظرات امتنان، وبابتسامة تعبر عن رغبة جديدة في التعلم، وكأن كل خطوة قطعتها خلية اليقظة قد أعادت إليه شيئاً من الحلم المسلوب.

هذه المبادرة، التي قد تبدو بسيطة في ظاهرها، تختزل في عمقها الكثير من المعاني: إيمان حقيقي برسالة المدرسة، ووعي بأن كل تلميذ في الجبل أو السهل يستحق أن يحظى بفرصة تعليم عادلة. كما تعكس حرص الأطر التربوية على عدم الاستسلام أمام ظاهرة الهدر المدرسي، التي ما تزال تهدد مستقبل فئات واسعة من المتعلمين في العالم القروي.
وتُعد هذه العملية نموذجاً يحتذى به في تنزيل الرؤية التربوية التي تجعل من المتعلم محوراً لكل تدخل، وتعيد الاعتبار لدور المؤسسة التعليمية كمرفق عمومي منفتح على محيطه، حريص على تتبع مسارات تلامذته حتى خارج أسوار المدرسة.
إنها ببساطة قصة تلميذ، لكنّها في الواقع قصة مدرسة تؤمن بأن التعليم لا يكون من داخل الفصول فقط، بل يبدأ أحياناً بخطوة على الطريق الوعر… نحو قلب طفل.