نجح دونالد ترامب الاربعاء في رهانه بالعودة الى البيت الابيض في فوز بدون منازع أثار مفاجأة واسعة وأدخل الولايات المتحدة والعالم في حالة من عدم اليقين.
تعد عودة الجمهوري البالغ 78 عاما استثنائية أيضا بشكل إضافي لأن حملته الثالثة تخللتها محاولتا اغتيال وأربع لوائح اتهام وإدانة جنائية.
كان انتصاره واضحا وسريعا، بحيث فاز الرئيس السابق بولايتي كارولاينا الشمالية وجورجيا المتأرجحتين، خلال ساعات قليلة، قبل أن تعطيه بنسلفانيا وويسكونسن الدفع النهائي وتدفنا آمال الديموقراطية كامالا هاريس.
حتى قبل إعلان فوزه رسميا، تلقى الجمهوري سيلا من التهاني من رؤساء ومسؤولين في الخارج من الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزارة الخارجية الصينية، وحتى طالبان في أفغانستان.
أما الكرملين فتمايز بإعلانه أنه سيحكم على دونالد ترامب على أساس “أفعاله”، لا سيما فيما يتعلق باحتمال خفض الدعم الأميركي لأوكرانيا.
صباح الأربعاء، كان في حوزة الجمهوري البالغ أصوات 276 من كبار الناخبين مقابل 219 لمنافسته، متجاوزا عتبة 270 المطلوبة للفوز في الانتخابات التي تجري بالاقتراع غير المباشر.
وفي خطاب الفوز، دعا ترامب الذي سيؤدي اليمين الدستورية ويتولى منصبه رسميا في 20 يناير، إلى “الوحدة”، وحث الأميركيين على وضع “الانقسامات التي حدثت في السنوات الأربع الماضية وراءنا”.
هذا بعد أن هاجم خلال حملته الانتخابية منافسته وكال لها الشتائم واتهم المهاجرين “بتسميم دماء البلاد”.
ولدى أدائه اليمين وعودته الى البيت الأبيض، سيكون على الجمهوري أن يضمد الجراح في هذا البلد المنقسم تماما.
وحتى صباح الأربعاء، لم تدل كامالا هاريس بأي تصريح بعد.
أحدثت عودة ترامب إلى البيت الأبيض حالة من النشوة بين الملايين من الأميركيين الذين ارتدوا قبعات حمراء فيما تسببت لدى كثيرين آخرين بحالة من الخوف مع شعور بالصدمة بسبب مرارة خطابه.
وعبر بعضهم، مثل فريدي لين، وهو من سكان نيويورك ويبلغ من العمر 29 عاما، عن ذلك بقوله “إنه أمر سيء للغاية”. وأضاف أنه “قلق من رؤية مزيد من الكراهية” تنتشر في البلاد.
دونالد ترامب هو ثاني رئيس أميركي يفوز بولايتين غير متتاليتين، بعد غروفر كليفلاند الذي قاد البلاد بين عامي 1885 و1889، ثم بين عامي 1893 و1897.
أشادت وسائل إعلام مختلفة في الولايات المتحدة بـ”ملك العودة” و”العملاق” ترامب بعد فوزه بفارق كبير على هاريس، في شكل خالف غالبية توقعات المحللين والصحف.
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في عنوانها الرئيسي “ترامب يعود”. وأشارت في مقال تحليلي الى أن الولايات المتحدة اختارت “رجلا قويا” لتولي الحكم، مضيفة “تقف أميركا على شفير أسلوب حكم استبدادي لم تعرفه سابقا في 248 عاما من تاريخها”.
وكان ترامب غادر البيت الأبيض في حالة من الفوضى قبل أربع سنوات، من دون أن يعترف بهزيمته. وفي 6 يناير 2021، اقتحم مئات من أنصاره مبنى الكابيتول، أحد أهم رموز الديموقراطية الأميركية، في محاولة لمنع المصادقة على فوز جو بايدن.
لكن الأسواق رحبت بفوزه وسجل الدولار مكاسب واضحة وكذلك بورصة وول ستريت.
ومع ذلك، فإن رئاسته الثانية التي لا يمكن التنبؤ بما ستحمله، يمكن أن تنذر باضطرابات كبيرة بعد أن توعد الملياردير “بأكبر عملية” ترحيل على الإطلاق للمهاجرين منذ اليوم الأول.
بعدما انتقد بشدة المليارات التي تنفق في الحرب في أوكرانيا، وعد بحل هذا النزاع حتى قبل أداء القسم، وهو احتمال يثير قلق كييف.
وأكد قطب العقارات أيضا أنه سينهي الحرب في الشرق الأوسط، بدون أن يوضح كيف يمكن القيام بذلك.
وتعهد الجمهوري المعروف بتشككه في قضايا المناخ، بعدم الالتزام باتفاق باريس حول المناخ وبالتنقيب عن النفط “بأي ثمن”.
بشأن الاقتصاد يريد ترامب “سرقة الوظائف من الدول الأخرى” من خلال التخفيضات الضريبية والرسوم الجمركية.
لكنه يبقى غامضا حين يتعلق الأمر بالحق في الإجهاض، والذي أضعفه إلى حد كبير قضاة المحكمة العليا الذين يفاخر بتعيينهم.
وحذر رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه الأوروبيين من “النزعة الفردية”، في مواجهة ترامب الذي يعد باعتماد سياسات حمائية.
سيمكن للرئيس الجديد الاعتماد على مجلس الشيوخ الذي استعاده الجمهوريون من الديموقراطيين. وسيكون انتصاره كاملا إذا احتفظ حزبه بمجلس النواب.
ويشعر الديموقراطيون بالقلق إزاء تهديداته المتزايدة ضد “العدو الداخلي” وتعطشه للانتقام.
ولم ترشح تفاصيل كثيرة حول خيارات إدارة ترامب المستقبلية، مع استثناء واحد لافت هو انه أعلن أنه سيوكل مسؤولية كبرى للملياردير إيلون ماسك الذي أنفق أكثر من 110 ملايين دولار من ثروته على حملة الحزب الجمهوري.
عبر انتخاب ترامب، قرر الأميركيون وضع رجل يبلغ 78 عاما على رأس أكبر قوة في العالم وسيصبح في يناير أكبر رئيس للولايات المتحدة يؤدي اليمين الدستورية.
وسيعلم بعقوبته في 26نوفمبر حين يصدر الحكم بحقه في قضية دفع أموال سرا لنجمة أفلام إباحية للتستر على علاقة جنسية مفترضة جمعت بينهما.
وما زال من المبكر القول ما سيكون أثر انتخابه على متاعبه القانونية حيث يواجه احتمال السجن في عدة قضايا.
ا ف ب