أطلس سكوب
أطلس سكوب موقع اخباري مغربي
afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

الأعاصير المدمرة.. “المعضلة” المناخية التي تهدد الملايين بأمريكا الوسطى والكاريبي

(عماد أوحقي)

في قرية صغيرة على الساحل الشرقي للمكسيك، كان خوان سانتوس، يقضي ليلة هادئة رفقة أسرته الصغيرة. كانت السماء صافية والنسيم منعشا، قبل أن تنهال الأنباء والتحذيرات من اقتراب إعصار قوي يدعى “دلتا” سيضرب المنطقة خلال ساعات.

يتذكر هذا الصياد البسيط تفاصيل كثيرة عن “صوت الرياح المرعب وسرعتها العاتية مع اقتراب العاصفة”. ورغم أنها ليست تجربته الأولى، بعد أن عايش إعصار “ويلما” الذي ضرب المكسيك في سنة 2005 وخلف دمارا كبيرا في شبه جزيرة يوكاتان، إلا أنها قد تكون “الأسوأ” على الإطلاق.

تبدأ الأعاصير كعواصف رعدية صغيرة، لكنها سرعان ما تزداد قوة وتتحول إلى أعاصير مدمرة بفعل توفر ظروف مناخية مواتية، ويمكن أن تصل سرعتها إلى مئات الكيلومترات في الساعة وتسبب فيضانات وانهيارات أرضية خطيرة.

وقد صنف المركز الأمريكي للأعاصير، آنذاك، الإعصار “دلتا” من الفئة الرابعة، وهو مستوى يمكن أن يحدث دمارا هائلا.

عندما وصل الإعصار إلى اليابسة، كان صوت الرياح يشبه هدير وحش غاضب. الأشجار تنحني أمام قوته، والمنازل تتطاير كأنها أكوام قش دون تيار كهربائي وبمؤونة تكفي لأيام معدودة داخل مركز الإجلاء، كما يروي خوان، الذي لم يتمكن من العودة إلى القرية إلا بعد انتهاء العاصفة.

“لا شيء كان يمكن أن يمحو ذاك الدمار” ، يؤكد خوان في حديثه لوكالة المغرب العربي للأنباء، لا سيما وأن مورد رزقه مرتبط بالصيد البحري، مثل آلاف الصيادين بالقرى المحاذية للسواحل المكسيكية.

على غرار خوان، يواجه الملايين في منطقة أمريكا الوسطى والكاريبي وحتى مناطق بالولايات المتحدة الأمريكية خطر الأعاصير والعواصف المدارية، التي تتكون عادة فوق المحيطات عندما تتوافر كميات كبيرة من الطاقة الحرارية والرطوبة بالغلاف الجوي.

+ الأعاصير.. أهمية التنبؤ في الوقاية من الكارثة +

لمواجهة مخاطر الأعاصير تتخذ الدول المهد دة إجراءات وقائية واستباقية تشمل تحسين البنية التحتية من خلال بناء منازل ومبان مقاومة للرياح والأمطار، وتكييف شبكات الطاقة المائية والكهربائية حتى تكون أكثر مقاومة للأعاصير.

إضافة إلى ذلك، تستخدم غالبية الدول المهددة بهذا الخطر أنظمة الإنذار المبكر التي توفر معلومات دقيقة للسكان حول مسار الأعاصير المتوقعة، بطريقة تمنحهم (الوقت الكافي في معظم الأحيان) للاستعداد والإخلاء إذا لزم الأمر.

وتلعب الجهود الدولية أيضا دورا حاسما في مواجهة الأعاصير والظواهر المناخية عموما، لا سيما في الدول الفقيرة والأقل تقدما، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.

منظمة الصليب الأحمر، على سبيل المثال، تبذل جهودا كبيرة بالتعاون مع الحكومات المحلية ومنظمة الأمم المتحدة لتقديم الدعم اللازم للمتضررين والتخفيف من آثار الكوارث الطبيعية على السكان.

ويتطلب التصدي لتحديات الأعاصير استراتيجيات متكاملة تشمل تحسين التنبؤ وتطوير البنية التحتية الملائمة والتوعية بالمخاطر والتكيف مع ظواهر مماثلة، بطرق أكثر أمانا واستدامة.

+ موسم الأعاصير 2024.. التحذير من موسم طويل وخطير +

يبدأ موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي في الأول من يونيو وينتهي في 30 نونبر، وفي المحيط الهادي الشرقي يبدأ في 15 ماي وينتهي في 30 نونبر، وفي شمال المحيط الهندي يبدأ في الأول من أبريل وينتهي في 30 نونبر.

وبعد الإعصار “بيريل” الذي ضرب عدة دول في أمريكا الوسطى والكاريبي وامتد حتى الولايات المتحدة الأمريكية، قالت الأمم المتحدة إنه “الأقوى” في تاريخ المحيط الهادئ خلال شهر يونيو، بعدما خلف دمارا كبيرا في غرينادا وسانت فينسنت وجزر غرينادين قبل أن يصل إلى جامايكا وبليز والمكسيك.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن “هذه الأعاصير غير المسبوقة أصبحت للأسف حقيقة جديدة لدول الكاريبي التي تواجه وطأة تغير المناخ”، محذرة من أنها “ليست سوى البداية لما سيكون موسما طويلا وخطيرا للأعاصير”.

وتحفظ دول المنطقة ذكريات مؤلمة لأعاصير مدمرة خلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة، كان آخرها الإعصار “أوتيس” الذي ضرب الساحل الجنوبي الغربي للمكسيك، في أكتوبر 2023، وخلف دمارا كبيرا في ولاية غيريرو وتحديدا في عاصمتها السياحية أكابولكو.

وقد اشتدت حدة الإعصار إلى الفئة الخامسة بسرعة فاقت التوقعات، وزاد وصوله إلى اليابسة من خطورته حسب المركز الوطني الأمريكي للأعاصير.

وفي كوبا، سبب الإعصار “إيرما” في عام 2017 أضرارا جسيمة للبنية التحتية وأجبر الآلاف على النزوح، وقد كان أحد أقوى الأعاصير التي ضربت الجزيرة منذ عقود.

وفي هايتي، تعتبر الأعاصير ظاهرة متكررة، حيث ضرب الإعصار “ماثيو” البلاد في عام 2016، وأودى بحياة المئات وتشريد الآلاف. ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة، كانت هايتي واحدة من أكثر الدول تضررا من هذا الإعصار.

وليست جامايكا بمنأى عن مخاطر الأعاصير، فقد شهدت هي الأخرى إعصار “غيلبرت” في عام 1988 والذي دمر جزءا كبيرا من الجزيرة.

انتقل خوان إلى مكسيكو رفقة أسرته الصغيرة بعد أن “عكرت” الأعاصير صفو الحياة في قريته الأم. يحفظ هذا الرجل الخمسيني ذكريات مؤلمة عن الكارثة، لكن الأمل يحذوه في أن تتعزز تدابير التكيف مع الكوارث، ويقوى العالم على مجابهة آثار تغير المناخ على نحو أكبر.

ومع


تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد