نبيل اليحياوي
دخلت العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة مرحلة جديدة من التصعيد، بعدما أعلنت بكين، الثلاثاء، أنها “ستقاتل حتى النهاية” في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية، في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى تخفيف حدة التوتر، خوفا من تداعياته على الاقتصاد العالمي.
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، دعت، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، إلى “تجنب التصعيد” والاحتكام إلى طاولة المفاوضات. وفي بيان رسمي، شدد الاتحاد الأوروبي على أهمية “حل الوضع الراهن عبر التفاوض”، فيما عبّر المسؤول الصيني عن رغبته في تعزيز التعاون بين بكين وبروكسيل والدفاع عن تجارة حرة ومنفتحة.
في الأثناء، لا تزال الولايات المتحدة ماضية في فرض رسوم جمركية إضافية على المنتجات الصينية، بلغت 20% منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، ومن المرتقب أن تصل إلى 54% مع دخول رسوم جديدة حيّز التنفيذ.
الصين من جانبها ردّت بفرض رسوم مضادة بنسبة 34%، ما دفع الرئيس الأميركي إلى التهديد برسوم جديدة بنسبة 50% إذا لم تتراجع بكين عن خطواتها. ورغم هذه التهديدات، فإن الموقف الصيني لم يتغير، إذ صرّح متحدث باسم وزارة التجارة الصينية أن بلاده “لن تقبل بذلك أبدا”، مؤكدا أنها “ستقاوم حتى النهاية” داعياً في الوقت نفسه إلى “حوار متكافئ”.
كما شدد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية على ضرورة أن تتعامل الولايات المتحدة بـ”مساواة واحترام” إذا كانت تريد فعلاً الدخول في مفاوضات بنّاءة.
في المقابل، أكد الرئيس الأميركي استعداده للحوار مع “أطراف راغبة”، مستثنياً الصين، ومجدداً تهديده بمزيد من الإجراءات التجارية إذا استمرت بكين في نهجها الحالي.
تداعيات هذه الحرب التجارية ألقت بظلالها على الأسواق العالمية، حيث شهدت البورصات الآسيوية انتعاشاً حذراً، إذ أنهت بورصة طوكيو تداولات الثلاثاء بارتفاع تجاوز 6%، كما افتتحت الأسواق الأوروبية تعاملاتها على وقع مكاسب نسبية.
ورغم هذا الانتعاش الظرفي، يُحذر محللون اقتصاديون من تأثيرات سلبية محتملة، تتمثل في ارتفاع الأسعار، وتزايد معدلات البطالة، وتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي في حال استمرار هذا التوتر.
وتأتي هذه التطورات وسط تحركات أوروبية متواصلة لتفادي شمولها بالرسوم الأميركية الجديدة، حيث عرضت المفوضية الأوروبية إعفاءً متبادلاً من الرسوم على السلع الصناعية، إلا أن ترامب اعتبر ذلك غير كافٍ، مجدداً دعوته إلى “اتفاقيات عادلة” تعيد التوازن إلى الميزان التجاري لبلاده.
من جهتها، عبّرت عدة دول آسيوية عن قلقها، حيث وصفت هونغ كونغ الرسوم الأميركية بـ”غير المسؤولة”، فيما اعتبرت سنغافورة أن “الصديق لا يتصرف بهذه الطريقة”، بينما تسعى فيتنام إلى التفاوض لتفادي الانخراط في هذه الحرب التجارية.