يُعدّ سؤال: “ماذا نريد من المدرسة المغربية؟” من بين أبرز الأسئلة الإشكالية التي تؤطر النقاش التربوي الراهن، نظرًا لما ينطوي عليه من أبعاد استراتيجية، تربوية، وثقافية، تمس جوهر المشروع المجتمعي برمّته. تتباين المقاربات وتتعدد الأجوبة بحسب المرجعيات الفكرية والاختيارات الإيديولوجية، إلا أن هناك شبه إجماع على أن المدرسة المغربية، في صيغتها الحالية، لم تعد قادرة على مواكبة التحولات المتسارعة، ما يستدعي إعادة تصورها في ضوء الحاجات المجتمعية الجديدة ورهانات التنمية المستدامة.
إن المدرسة المغربية التي ننشدها ينبغي أن تكون بحجم الوطن: وطنٍ متجذر في تاريخه، متميز بجغرافيته، ومتشبث بقيمه الحضارية الأصيلة. مدرسة تعكس عمق الانتماء الوطني، وتترجم انفتاح المغرب على محيطه الإقليمي والدولي. إنها المدرسة التي تُعبّر عن انتظارات المواطنين، وتستوعب طموحاتهم وتطلعاتهم، وتكون قادرة في الآن ذاته على احتضان آمالهم وهمومهم، بل وحتى إخفاقاتهم، بمنطق تربوي إنساني تشاركي.
نطمح إلى مدرسة تؤسس لمشروع تربوي متكامل، يُراهن على استمرارية القيم الأصيلة، ودينامية التفاعل مع مستجدات الحاضر، والانفتاح العقلاني على المستقبل. مدرسة تجعل من المتعلم فاعلا في بناء المعرفة، لا مجرد متلقّ سلبي، وتُؤمن بأن الرأسمال البشري هو الثروة الحقيقية التي تنهض بها الأمم.
المدرسة المنشودة هي التي تسهم في بناء جيل جديد؛ جيلٍ مبدع، يُقدّر الفكر ويحتفي بالمعرفة، ويخوض مغامرات الإبداع بشغف ومسؤولية. جيلٌ يُنتج المعنى، ويؤسس لثقافة نقدية قادرة على فهم التحولات واستيعاب التعقيد، من أجل إبداع حلول واقعية، تستجيب لحاجات الحاضر وتستشرف المستقبل بوعي وتبصر.
وفي الختام، هكذا نرسم معالم مدرستنا الجديدة:
مدرسة تُزاوج بين التنشئة المتوازنة والتعلم المستدام، تُرسخ قيم المواطنة، وتُحرّر طاقات التفكير والإبداع، وتُصنّع الإنسان في أبعاده المتكاملة: المعرفية، الوجدانية، والسلوكية، ليكون فاعلا إيجابيا في خدمة الوطن والإنسانية جمعاء.
محمد اغراس