مساء يوم جميل، كان الهدوء يعم البيت، كنت متكئا، أراوغ البرد القارص بالتحافي ببطانية و أنا أداعب هاتفي الذكي .
تارة أتصفح مواقع التواصل الاجتماعية و تارة أخرى أراقب حسابي البنكي عبر التطبيق ممنيا النفس لعلي أجد به من النقود ما يكفيني للنصف الباقي من هذا الشهر .
رغم علمي علم اليقين أن رصيده لن يسايرني أكثر من اليومين القادمين . كان أملي كل أملي ! في أن تعطف علي ” كنوبس ” و استرد بعض من ثمن الأدوية التي اشتريتها و التي طال انتظارها حتى أصبحت كالمفاجأة لا تأتي إلا بعد فقدان الأمل فيها !! .
نعم هاتفي ذكي ! فقد جعلني عبدا، مدمنا عليه ! أو بالأحرى على الأخبار المنسابة كالسيل العارم عبر تطبيقاته . لقد شد انتباهي في الآونة الأخيرة ما يقع في الشرق.
في شرق الكرة الأرضية من كوارث و حروب.
في أوكرانيا ،
حرب لا تبقي و لا تدر…… و سيمتد لهيبها عاجلا أم أجلا إلى باقي دول العالم .
و زلزال وحد في الآلام و الدمار بين دولتين إسلاميتين متصارعتين تركيا و سوريا. أحياء سكنية بكاملها نسفت ، مصانع دمرت ،أشخاص أحياء تحت الأنقاض طمروا ، جثث تناثرت و أقلام جفت .
الزلزال سيضرب و سيعيد الكرة و يضرب .
و لبنان ،
آه يا لبنان ، كل الودائع فيه تبخرت ، و عملته انهارت و اقتصاده يحتضر وشعبه أو بالأحرى شعوبه ” كلا إلغا بلغاه ” ….. سايكس بيكو ” أميدير ” .
فلسطين ،
و مشاهد القتل اليومية بالدم البارد و على الهواء المباشر لن تجدها إلا في فلسطين .
و عراق ،
ممزق بعد ما مر من هناك إعصار بول بريمر . عراق كيوسف بيع في سوق النخاسة على أيدي أشقائه و نعم الأخوة و العروبة و الإسلام ! .
أما اليمن ،
فقد طار عاليا ، كأوراق هزتها الريح. متى تنزل لا يعرف ذلك إلا الله و الراسخون في العلم.
و الممسكون بخيوط اللعبة يقولون و الله اعلم يريدون خلق شرق أوسط كبير أو جديد ” وحدة فيهم ” أو اختاروا انتم التسمية لا يهم .
المهم أنني أرى شرقا بدون شروق ! .
لا أخفيكم سرا لكثرت ما أدمنت على أخبار هاتفي الذكي لم اعد افهم و تبلدت أحاسيسي و لم اعد اهتم …….
دعونا من كل هذا فلدينا ما يكفينا و يزيد ، زيد ، زيد ، زيد زيد على وزن سير ،سير ، سير ….سير على بركة الله .
المهم هاتفي ،بل كل الهواتف أصبحت ذكية إلا النزر القليل! تمارس سحرها علينا. لا أعرف كيف جعلت من أصابعنا موصلا جيدا لمخدراتها نحو عقولنا ، و وعينا و لا شعورنا و أخلاقنا و عاداتنا ونخوتنا و مجتمعنا و اقتصادنا و ………..
يتبع
بقلم حسن الشهلاوي