ولأن المناسبة شرط، فها هو المغرب يحقق أخيرا هدفا طال انتظاره، ويدخل لخانة الدول المنظمة، جزئيا، للمونديال، في انتظار التنظيم الكلي والحصري، لكن هذا الإختيار تشوبه شوائب مع الأسف، إذ ما إن انطلقت الإستعدادات لاحتضان هذه التظاهرة العالمية حتى تبين على أن مناطق دون أخرى وجهات دون غيرها، هي التي ستكون مسرحا لاحتضان الحدث. فقد تم، حسب علمنا، تحديد 7 مركبات فقط، تتمركز في محاور طنجة – الدار البيضاء – الرباط، ثم أكادير – مراكش، وأخيرا فاس، لاحتضان بعض مباريات هذا اللقاء العالمي لسنة 2030. وتبين أيضا أنه ستتم إعادة تهيئة الملاعب الموجودة وتأهيلها لما يليق بهكذا تظاهرة. تنضاف إلى هذه المواقع مدينة بنسليمان، والتي لا تخرج عن المحور الأول، حيث سيتم تشييد أكبر ملعب على الإطلاق.
بمعنى آخر، هناك 6 جهات من 12، لا غير، هي التي ستستفيد من إعادة تهييئ وإغناء بنيتها التحتية الرياضية وما يدخل في سياقها من بنيات سياحية وجمالية ولوجيستية ورواج تجاري واقتصادي، رغم كونها استفادت في ما مضى وتستفيد لوحدها في هذا الباب.
بالمقابل – وحسب علمنا – ليس هناك حديث على أي برمجة أو إهتمام بالجهات الست المتبقية. لا نصيب لهذه الجهات التي تعيش حالة تصحر من “كعكة المونديال”، بحيث أُبعدت فيما تمت برمجته من الإستفادة بأي شكل من الأشكال.
وطبعا ستعيش الجهات المقصية تجميد حتى الإستثمارات الخاصة بها لأن كل التمويلات والإستثمارات سَتُحوَّل الى/تضخ في ميزانيات الست جهات المنتقات لاحتضان المونديال والتحضير له، مما يمعنى أن جهتنا ومثيلاتها المغضوب عليها، ستعرف سبع سنوات عجاف وستجني سبع سنبلات يابسات.
وستستمر بني ملال مثلا، كعاصمة جهة لاتذكر في النشرات الجوية، ولا تذكر حتى كمحطة على مستوى تسمية الطريق السيار بحيث يقال مثلا، الطريق السيار فاس مراكش.
ناهيك عن مشروع المطار الذي ازداد ميتا ومشروع السكة الحديدية الذي لن يتأتى الحديث عنه، على الأقل إلا بعد السبع سنوات القادمة.
مع العلم أن أحزاب الأغلبية هي التي تترأس الحكومة ومجالس البرلمان والمستشارين والجهة والإقليم والجماعة ومن المفروض فيها أن تقوم بالدور المنوط بها في تجاوز الصعوبات وإيجاد الحلول وابتكار البدائل وتبادر من أجل جلب الإستثمارات والمشاريع.
إن واجب الأغلبية المركزية الحالية الحاكمة والأغلبية المحلية المخضرمة، وامتداداتها هو الترافع من أجل عاصمة الجهة على جميع المستويات.
إن المجالس الجهوية ذات الأغلبية الحاكمة شركاء للمجالس الجماعية والمفروض فيها أن تترافع خلال دورات الجهات من أجل المدن والأقاليم التابعة لها، اقْتِداءً بما تقوم به نظيرتها في الجهات المنعوم عليها في هكذا مناسبات.
إن أغلبية البرلمان الذي تُسَنُّ فيه القوانين وتتخذ فيه القرارات الملزمة التي تَضع المجالس الجماعية فيما هي فيه وعليه، من المفروض أن تترافع على مستوى مراكز القرار من أجل توسيع هامش الإستفادة من توزيع الثروة والتنمية والتمويل بعدل وإنصاف على كل الجهات.
كما نتمنى أن تكون للسيد والي الجهة وعمال الأقاليم الأربعة والمديرية العامة للجماعات الترابية ذات الإمكانيات الهائلة ترك بصمتهم الخاصة لتحقيق التوازن في تمويل وتأهيل الجهات المنسية وإدماجها في هذه الدينامية التنموية على غِرار ما ستفعلُه طيلة هذه المدة مع باقي الجهات المحظوظة.
كما يجب أن تنخرط الوزاراتِ والقطاعات التابعة لها وتَتَبنى قضايا عواصم الجهات المغضوب عليها والمبعدة منذ عقود عن قطار التنمية ومنها مدينتنا كعاصمة للجهة.
وفي الختام نتمنى ألا تؤكد سلبيت من وضعت فيهم ساكنت الجهة تقتها “لا جدوى الديمقراطية ولا جدوى الإنتخابات خاصة وأنها أصبحت لا تقود للتدبير الفعلي لشؤون المواطنين” الذين لا يخرجون من سبع عجاف إلا ليدخلوا في سبع أخريات.
توفيق زبدة مستشار الحزب الإشتراكي الموحد.