بقلم/جمال أسكى
كنت عاهدت نفسي أن أطل عليكم من خلال هذا العمود، الذي اخترت له عنوان “أسونفو” أي الراحة بالأمازيغية، إطلالة خفيفة لرسم الإبتسامة على محياكم بعد أسبوع شاق من العمل والتوتر.. كنت أنوي أن أطلق الكتابة في الهموم والغموم، فقلبي الصغير لم يعد يحتمل ذلك.. لكن للأسف، لا أستطيع أن أفي لنفسي بوعدي.. فهذا الأطلس المنكوب يأبى إلا أن يضيف لجروحنا المفتوحة ملحا يوميا.. ولا يمكن أن نتجاهل ذلك لأن قلوبنا لم تمت بعد، كما حدث لقلوب الكثيرين ممن لم يعودوا ” يتسوقون” لمعاناة جيرانهم..
أعود بقلمي محاولا وضع الأصبع على الجرح الغائر العميق لهذه الجغرافيا المنسية من وطن نعشقه حد الثمالة.. بوحمرون، الذي ظننا أنه انقرض إلى الأبد، يعود ليقبض أرواح أطفال الجبال.. عقارب تسمم أجسادا عانت الكثير لتبقى على قيد الحياة.. نقل مزدوج، الذي كتبت عنه الأسبوع الماضي، يحصد مزيدا من الأرواح الزكية البريئة وهلم جرا من الويلات والمصائب.. أنفس تزهق.. أرواح تؤخذ.. أجساد تسمم أو تهشم.. أحلام تباد… و من يتولى المسؤوليات منشغلون بتنظيم المواسم والمهرجانات.. ألهذه الدرجة أرواح أيت أزيلال رخيصة؟ ألهذا الحد ماتت ضمائركم؟ ألهذا القاع دفنتم إنسانيتكم تحت تراب المصلحة الخاصة؟ ألهذا البعد ابتعدتم عن الوعود التي قطعتموها للمواطنين الفقراء المساكين؟
أيها المسؤولون بإقليم أزيلال المنسي:
إن بوحمرون لا يقتل.. إن العقارب لا تقتل.. إن النقل المزدوج لا يقتل.. إن ما يقتل هو الإهمال.. إن ما يقتل هو عدم الإهتمام.. إن ما يقتل هو استرخاص أرواح البؤساء المستضعفين.. إن ما يقتل هو صرف ميزانيات ضخمة لتنظيم مهرجانات ومواسم “اللهو والنشاط” وإغفال توفير اللقحات والأمصال وتشييد الطرق والقناطر والمستشفيات والمدارس… أنتم مسؤولون عن روح كل شخص مات إهمالا.. أنتم تطوقون أعناقكم بوزر كل من يعاني شظف العيش وضيق أفق الحياة.. ويوم القيامة لن تنفعكم أساليب ” تدويخ الفأر” التي تنتهجونها اليوم للإفلات من الحساب.. فهل تتداركون الأمر؟ فهل توقفون هذا النزيف الذي لم يعد يحتمل؟.. منا التذكير ولضميركم الميت واسع النظر..
