أطلس سكوب
أطلس سكوب موقع اخباري مغربي
afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

بين دروس الصحافة وتجربة الجبال: من النظرية إلى الواقع(جبال أزيلال نموذجا)

بقلم محمد أغراس

في كراسي الفصل الجامعي وبين المحاضرات المكيفة، تعلمت أجناس الصحافة وأنواعها، وحدثني الأساتذة عن الفرق بين الأجناس الصغرى والكبرى، ودرست الإعلام، ومكوناته، وقواعده، وحتى إكراهاته. لكن لم يحدث أن نصحني أحد بتجربة الصحافة الاستقصائية الميدانية، بعيدا عن اللغة الأكاديمية وقاعات الدراسة. ظلت معرفتي بالصحافة سطحية، مجرد دروس تقودني إلى اجتياز الامتحانات لا غير.

غير أن الأقدار قادتني يوما إلى قمم جبال أيت مديوال، وهناك بدأت رحلتي الحقيقية. حين اقتربت من معاناة السكان، شعرت بما يشعرون، وارتعشت بردا في طقس قاس أصبح مألوفا بالنسبة لهم. هناك، تعلمت معنى الصحافة الواقعية، الصحافة التي لا تروى في المحاضرات بل تعايش.

في تلك القمم، فهمت التهميش والإقصاء والفقر عن قرب، وأدركت كيف يعجز الإنسان عن العثور على أبسط مقومات العيش الكريم. أيت مديوال ليست مجرد جبال شاهقة، بل هي الناطق الرسمي باسم الهامش، والشاهد على فشل كل مخططات التنمية في الجبال والعالم القروي. في هذا المشهد، يفقد المواطن البسيط الأمل شيئا فشيئا، فلا يبقى أمامه سوى التشبث بحبل الله المتين.

أهل الجبال روّاد في الصدق والصبر والتفاؤل، وهم مرجع للمقاربة التشاركية وحسن الضيافة منذ فجر التاريخ. في أيت مديوال، تعلمت أن الكرم ليس مجرد قيمة، بل أسلوب حياة. لكن رغم كل هذه القيم الإنسانية، تبقى الأسئلة الحارقة مطروحة:
أين العدالة المجالية؟
أين نواب البرلمان ومستشاري الأمة؟
أين رؤساء الجماعات الترابية؟
الواقع يقول إن التنمية بعيدة عن هذه القمم، وإن مقولة “أنا ومن بعدي الطوفان” لا تزال تحكم المواقف والسياسات. فهل من قيادات ناجحة قادرة على الاقتراب من حاجات المواطن البسيط؟ وهل من نواب جدد ينتصرون لمصلحة الجبل وتنميته؟

في أيت مديوال، رأيت درسا واقعيا لا يُنسى: الصحافة ليست في الكتب فقط، بل في الميدان حيث تتجسد المعاناة، ويختبر الصبر، وتكتب الحقيقة.

بقلم محمد أغراس


تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد