نبيل الحياوي
عبرت الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب عن استنكارها الشديد لما وصفته بـ”الاستغلال غير المهني” لتصريحات تلاميذ وتلميذات الباكالوريا خلال لحظات التوتر والضغط النفسي المصاحبة لفترة الامتحانات، من طرف بعض المنابر الإعلامية التي عمدت إلى بث مقاطع تحتوي على سلوكيات غير مسؤولة وتصريحات خارجة عن السياق التربوي.
وقالت الرابطة، في بيان استنكاري توصلت به الجريدة، إن ما أقدمت عليه هذه المنابر يهدف بالأساس إلى “تحقيق الإثارة وخلق البوز”، دون مراعاة لوضعية التلاميذ النفسية ولا للبعد التربوي والأخلاقي المفترض في التغطيات الصحفية ذات الصلة بالشأن التعليمي.
وأكدت الرابطة أن هذه التصرفات الإعلامية تُسيء لكرامة التلميذ المغربي، وتسهم في تكريس صورة نمطية سلبية حول الجيل الصاعد، كما تُقوّض الثقة في المدرسة العمومية، داعية إلى الكف عن هذه الممارسات التي تضرب مبدأ المسؤولية الإعلامية في العمق.
كما عبّرت الهيئة عن قلقها من أثر هذه المضامين على الأجواء العامة للامتحانات، خاصة من حيث التشويش النفسي الذي قد يلحق بالمترشحين، في فترة تحتاج إلى الدعم والتحفيز لا الضغط والإثارة.
واستنادا إلى المادتين 5 و6 من القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، شدّدت الرابطة على أن مسؤولية التنشئة الاجتماعية والتربية على قيم المواطنة والسلوك المدني مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والإعلام وباقي الفاعلين، مؤكدة أن ما وقع لا ينسجم وهذه المقتضيات القانونية.
ومن جهة أخرى، لفتت الرابطة إلى أن ارتباك أداء بعض التلاميذ لا يمكن فصله عن التراكمات التي شهدتها المنظومة التعليمية في السنوات الأخيرة، خصوصا تداعيات جائحة كوفيد-19، والضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي ترهق كاهل الأسر المغربية، مما يستوجب – حسب قولها – مزيدًا من الاحتواء والتضامن، لا التشهير والاستغلال.
وفي السياق ذاته، أدانت الرابطة كل أشكال الترويج للتهديد والتحريض بين التلاميذ، معتبرة أن هذه السلوكيات تشكّل خطرًا على السلم الاجتماعي داخل المؤسسات التعليمية، وتستلزم تدخلًا تربويًا عاجلًا يعيد الاعتبار للثقافة المدرسية المبنية على الاحترام والمسؤولية.
ودعت الرابطة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى إصدار مذكرة تنظيمية تضبط العلاقة بين المؤسسات التعليمية والمنابر الإعلامية خلال فترات الامتحانات، وذلك في اتجاه صون الفضاء التربوي وحماية خصوصية التلميذ المغربي من أي استغلال محتمل.
كما ناشدت جميع الجمعيات المنضوية تحت لوائها إلى تكثيف حملات التوعية وسط التلاميذ، بشأن مخاطر التصريحات غير المحسوبة، وما يمكن أن تخلّفه من انعكاسات نفسية واجتماعية وقانونية، داعية إلى ترسيخ وعي جماعي يعزز ثقافة المسؤولية والانضباط.
ولم تُخف الرابطة استغرابها من تجاهل بعض وسائل الإعلام لحالات حقيقية لمعاناة التلاميذ، كما وقع في مدينة ابن جرير، حيث وجد العديد منهم صعوبة في الوصول إلى مراكز الامتحان، معتبرة أن التغطية الإعلامية المنصفة تقتضي إبراز هذه المعاناة بدل ملاحقة زلات عابرة.
وفي ختام بيانها، شددت الرابطة على أهمية تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة والإعلام، من أجل بناء بيئة تعليمية آمنة تحفظ كرامة التلاميذ وحقوقهم، وتدعمهم في مواجهة تحديات المرحلة الدراسية والمستقبلية.