أطلس سكوب
أطلس سكوب موقع اخباري مغربي
afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

المحكمة الابتدائية بأزيلال : “المرأة العاملة في قلب النقاش القضائي: حماية قانونية وتحديات تطبيقية”

أطلس سكوب ـ أزيلال

ترأس السيد رضوان باد، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بأزيلال، صباح اليوم الخميس 10 أبريل الجاري اجتماعًا موسعًا للخلية المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، حيث تم تناول موضوع “الحماية القانونية للمرأة العاملة” بحضور مجموعة من الفاعلين القضائيين والأمنيين والتربويين والاجتماعيين. اللقاء جاء في وقت تسعى المملكة المغربية إلى تعزيز حقوق المرأة في سوق العمل وتوفير بيئة آمنة وعادلة لهن.

في بداية اللقاء، وفي كلمة تأطيرية أكد السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بأزيلال أن اللقاء يأتي ضمن سلسلة الاجتماعات الدورية التي دأبت النيابة العامة بأزيلال على عقدها تفعيلا للمادتين 15 و16 من القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والاطفال، وانسجاما مع مضامين الخطاب الملكي السامي في 30 يوليوز 2022 الذي دعا فيه جلالته إلى فتح نقاش عمومي حول مدونة الاسرة. وسلط السيد وكيل الملك الضوء على أبرز المعاهدات والمواثيق الدولية التي تؤكد على حقوق المرأة، مشيرًا إلى أن ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خاصة في فقرته الخاصة بالمساواة في الحقوق، كان لهما دور كبير في تكريس حقوق المرأة، بما في ذلك حقها في التمتع بحماية قانونية من أي شكل من أشكال التمييز والعنف. وأشار السيد وكيل الملك إلى أن القانون المغربي يعكس هذه المبادئ من خلال مدونة الشغل، التي تضم مجموعة من المواد التي تهدف إلى حماية المرأة العاملة في مختلف المجالات.

وبمناسبة الاجتماع الدوري للجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بأزيلال، قدمت الأستاذة القاضية إحسان زهير عرضًا سلطت فيه الضوء على أهمية الحماية القانونية للمرأة العاملة في المغرب، مشيرة إلى التحولات التي شهدتها وضعية المرأة في سوق الشغل بفضل الإصلاحات التشريعية، بدءًا من مدونة الشغل سنة 2003، ثم دستور 2011 الذي عزز مبدأ المساواة بين الجنسين. ورغم الإطار القانوني المتقدم الذي يضمن حقوق المرأة العاملة، لا يزال هناك فجوة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي لهذه الحقوق، خصوصا في مجالات مثل الأجور والمساواة في الفرص، ما يبرز التحديات التي تواجه النساء في القطاعين المهيكل وغير المهيكل. وأوضحت القاضية أن المادة 9 من مدونة الشغل تمنع أي تمييز على أساس الجنس، كما أكدت المادة 172 على ضرورة توفير شروط خاصة للعمل الليلي للنساء، مثل وسائل النقل وراحة بعد ساعات العمل المتواصلة. وفيما يخص الحماية القانونية للمرأة الحامل، بينت القاضية أنه يحق لها الاستفادة من إجازة ولادة مدفوعة، إضافة إلى توفير غرفة للرضاعة في الشركات التي توظف أكثر من 50 امرأة. كما تناولت القاضية موضوع العنف والتحرش الجنسي في العمل، مشيرة إلى الإجراءات القانونية التي تجرم هذه الأفعال. وأكدت في نفس السياق على ضرورة تحسين ظروف العمل للنساء في القطاع غير المهيكل، الذي يفتقر إلى التغطية القانونية والاجتماعية. واختتمت القاضية بأن تعزيز الحماية القانونية للمرأة يتطلب مزيدًا من التوعية القانونية، وتفعيل النصوص القانونية بشكل صارم، وتوفير بيئة عمل تراعي كرامة المرأة وتضمن لها حقوقها بشكل كامل.

في العرض الذي قدمته الأستاذة شيماء أقصبي نائبة وكيل الملك بالمحكمة حول حماية حقوق المرأة في العمل بالمغرب، سلطت فيه الضوء على أهمية التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية في حماية العاملات، خاصة العاملات المنزليات. وأشارت في البداية إلى أن هذا اللقاء يعكس الأهمية الكبيرة لموضوع الحماية القانونية للمرأة العاملة، وخاصة في ضوء الحماية الاجتماعية والحقوقية التي تتطلب مزيدًا من الجهود المشتركة لتحسين وضع هذه الفئة في المجتمع. وتناولت الوضعية الصعبة التي يعاني منها العديد من العاملات في المنازل نتيجة الإقصاء من الحماية القانونية والاجتماعية التي يتمتع بها الأجراء عمومًا. وذكرت في هذا السياق الجهود الدولية، مثل الاتفاقية رقم 189 لمنظمة العمل الدولية، التي تهدف إلى تحسين ظروف العمل للعمال المنزليين.

كما أضافت أن المغرب بدأ في تطبيق العديد من الالتزامات الدولية لتحسين وضع العاملات المنزليات، مثل المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل في 1989، واتفاقيات أخرى تخص الحد الأدنى لسن العمل وحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال، وكذلك مراجعة قانون حماية الأمومة. وأكدت على أن قانون 12-19 المتعلق بالعاملات المنزليات يمثل خطوة هامة نحو حماية حقوق هذه الفئة، لكن مع ذلك، أشارت إلى أن هناك إشكالية في مدى فعالية هذا التشريع في مواجهة الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي الذي تتعرض له هذه الفئة.

ومن بين الجوانب التي تم التركيز عليها في العرض، تحدثت الأستاذة عن التدابير الزجرية المقررة بموجب القانون المغربي لضمان حماية العاملات المنزليات، مثل فرض عقوبات على تشغيل القاصرين أو على مخالفة ظروف العمل. وأوضحت أن هذه التدابير الزجرية تهدف إلى الحد من الاستغلال، لكنها قد تواجه تحديات في التطبيق الفعلي، خاصة فيما يتعلق بتطبيق عقوبات على المخالفين في قطاع العمل المنزلي.

كما تناولت الفقرة المتعلقة بالقانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، مشيرة إلى أهمية فرض التأمين على العاملات المنزليات لضمان حماية صحية واجتماعية أفضل. واعتبرت أن التحدي الأكبر يكمن في التطبيق الفعلي لهذا التأمين في ظل غياب الضوابط الفعالة لضمان تنفيذه من قبل المشغلين.

وفي ختام العرض، أكدت على ضرورة وضع آليات لتفعيل حقوق العاملات المنزليات، مثل تعزيز دور المجتمع المدني في الإبلاغ عن الانتهاكات، وتفعيل الرقابة على ظروف العمل، وتنفيذ سياسات تحفيزية لدعم المشغلين الذين يلتزمون بالتشريعات المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية وحماية حقوق العاملات.

 

وفي سياق التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها المغرب، ألقى السيد محمد منار، مفتش الشغل ببني ملال، عرضًا مركّزًا حول حماية حقوق المرأة العاملة في المغرب، مبرزًا الأبعاد القانونية والمؤسساتية التي تؤطر هذه الحماية، في ضوء المرجعيات الدولية والمقتضيات التشريعية الوطنية، إضافة إلى جهود وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات. وأشار السيد منار إلى أن المغرب قد أطلق مجموعة من الإصلاحات القانونية التي تضمن للمرأة حماية خاصة داخل فضاءات العمل، سواء من حيث المساواة أو من حيث الحماية في أوضاع معينة، وهو ما يتماشى مع الالتزامات الدولية التي صادق عليها.

مؤكدا أن المغرب يعمل في إطار مرجعية دولية تحترم مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين. إذ صادق على عدد من الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق المرأة في العمل، من أبرزها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 100 بشأن المساواة في الأجر، اتفاقية رقم 183 الخاصة بحماية الأمومة، واتفاقية رقم 189 الخاصة بالعمل اللائق للعمال المنزليين. تضع هذه الاتفاقيات التشريعات الوطنية في سياق عالمي يعزز من حقوق المرأة ويوفر لها حماية قانونية في محيط العمل، بما يضمن لها ظروفًا لائقة وأجرًا عادلًا.

مضيفا أنه من خلال دستور 2011، أكّد المغرب التزامه بتفعيل الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، حيث نصّ على أن “الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تعتبر جزءًا من التشريع الوطني”، وهو ما انعكس على مدونة الشغل التي وضعت المرأة في قلب الاهتمام، من خلال مجموعة من التدابير التي تكفل لها حماية خاصة. تبدأ هذه الحماية من فترة الحمل والولادة، حيث يحق للمرأة الاستفادة من إجازة ولادة لمدة 14 أسبوعًا، مع إمكانية التمديد في حال وجود موانع صحية. كما يتم توفير استراحة يومية للرضاعة لمدة ساعة مدفوعة الأجر، مع منع تشغيل النساء خلال الأسابيع السبعة الأولى بعد الولادة.

وأضاف أن حماية المرأة في المجال المهني تشمل ضمان حقوقها أثناء وبعد الحمل، حيث يُجرّم القانون فصل الأجيرة أثناء فترة الحمل أو بعد الولادة، مع فرض عقوبات مالية تتراوح بين 10.000 و20.000 درهم في حال مخالفة هذه المقتضيات. وعلى الرغم من هذه الضمانات القانونية، تبقى مشكلة التطبيق الفعلي في بعض القطاعات تحديًا قائمًا. فيما يخص العمل الليلي، يشترط القانون توفير وسائل الراحة والنقل المناسبين، ويُمنع تشغيل النساء في بعض الأعمال الشاقة كالمقالع والمناجم إلا في حالات استثنائية. هذا الإجراء يهدف إلى حماية المرأة من المخاطر الصحية والبدنية التي قد تتعرض لها أثناء العمل في ظروف قاسية.

وأردف السيد منار ان العمالة المنزلية تعبر من الفئات التي كانت تفتقر إلى الحماية القانونية. إلا أن قانون رقم 19.12 جاء ليشكل خطوة هامة في هذا الاتجاه، حيث أقرّ تحديد سن العمل في 18 سنة، وأوجب وجود عقد عمل كتابي، بالإضافة إلى تحديد ساعات العمل والراحة الأسبوعية. كما نص القانون على حماية العمالة المنزلية من العنف والتحرش وضمان الحد الأدنى من الأجور.

وأوضح أنه على الرغم من أن المغرب قطع أشواطًا كبيرة في المجال التشريعي، يبقى التحدي الأكبر هو التطبيق الفعلي لهذه القوانين في مختلف الأماكن. القطاع غير المهيكل يظل يشكل بيئة غير آمنة بالنسبة للنساء العاملات، حيث يفتقر العديد من هذه الأماكن إلى الرقابة والتقيد بالمعايير القانونية. ولذلك، تتبنى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات استراتيجية تتضمن مزيجا من الرقابة والتوعية، حيث تقوم بتوفير تكوينات متخصصة للمفتشين لتتبع أوضاع النساء في أماكن العمل، وتكريس مبدأ المساواة من خلال جائزة “المساواة المهنية” التي تُمنح للمقاولات الملتزمة بحماية حقوق النساء.

في ختام هذه العروض، تم فتح نقاش مستفيض تناول موضوع حقوق المرأة العاملة بين التشريع والتنفيذ على أرض الواقع. وقد أبان النقاش عن غيرة الفعاليات الحاضرة على حقوق المرأة والدفاع عن مكتسباتها، مع التأكيد على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان تطبيق القوانين بشكل صارم. وكانت هذه المناقشات فرصة لإثارة العديد من القضايا المتعلقة بالتحديات التي تواجهها المرأة العاملة في بعض القطاعات، خاصة في ظل غياب الرقابة الكافية على القطاع غير المهيكل، مما يستدعي مزيدًا من الجهود لضمان حقوق المرأة وتحقيق المساواة التامة في بيئة العمل.


تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد