في العالم الرقمي، لا شيء مجاني حقًا. حين نشارك صورنا، أفكارنا، واهتماماتنا على فيسبوك، إنستغرام، أو تيك توك، فإننا لا نستخدم هذه المنصات فقط، بل نُستخدم أيضًا. نحن لسنا مجرد مستهلكين، بل مادة خام لصناعة رقمية ضخمة تستغل بياناتنا لبناء ثروات هائلة. فهل نحن تحت المراقبة، أم أننا ببساطة نقدّم أسرارنا طوعًا؟
البيانات: النفط الجديد
كل ضغطة، كل تعليق، كل عملية بحث تسجل وتُحلل بدقة متناهية. مواقع التواصل الاجتماعي لا تعرض عليك الإعلانات عشوائيًا، بل تبني ملفًا شخصيًا دقيقًا عنك—اهتماماتك، قناعاتك، عاداتك اليومية—ثم تستخدم هذه المعلومات ليس فقط لبيع المنتجات، ولكن أيضًا للتأثير في آرائك وسلوكك.
هل فعلاً يستمعون إلينا؟
كم مرة تحدثت مع صديقك عن منتج ما، ثم وجدت إعلانًا له على هاتفك؟ رغم نفي الشركات الكبرى مثل “ميتا” أنها تتجسس على محادثات المستخدمين، إلا أن التطابقات المتكررة تثير الشكوك. حتى لو لم يكن هناك تنصت مباشر، فإن الخوارزميات الذكية قادرة على تحليل سلوكك والتنبؤ باحتياجاتك بدقة مذهلة، ما يجعلك تشعر وكأن هاتفك يقرأ أفكارك.
الخوارزميات لا ترحم
الأمر لا يتوقف عند تتبع اهتماماتنا، بل يمتد إلى التلاعب بمشاعرنا. كيف؟ عبر خوارزميات مصممة لجذب انتباهنا لأطول وقت ممكن، حتى لو كان ذلك عبر محتوى يثير غضبنا، خوفنا، أو إعجابنا الشديد. هذه المنصات لا تهدف إلى تثقيفنا أو تنويرنا، بل إلى إبقائنا عالقين أمام الشاشات، لأن وقتنا هو السلعة الحقيقية التي تباع للمعلنين.
هل في طريقة نحمي بها خصوصيتنا؟
مغادرة السوشيال ميديا نهائيًا؟ صعب جدًا في هذا الزمن.
لكن نستطيع ان نحمي انفسنا بـالوعي:
* راجع إعدادات الخصوصية باستمرار، ولا تعطي التطبيقات صلاحيات ما تحتاجها.
* جرّب متصفحات ومحركات بحث تحترم خصوصيتك، مثل Brave وDuckDuckGo.
* لا تشارك معلوماتك الحساسة في أي مكان غير موثوق.
* كُن واعيًا للخوارزميات، ولا تتتركها تحبسك في “فقاعة” معلوماتية و ترى العالم من زاوية واحدة فقط.
بقلم نبيل اليحياوي