في عالمٍ تتزايد فيه القيود والتحديات، يبقى التصوير الفوتوغرافي نافذةً مفتوحة نحو التعبير، ووسيلة فريدة لاستعادة الحرية الفردية والجماعية. فمن خلال عدسة الكاميرا، يستطيع الإنسان أن يلتقط لحظة، يروي قصة، أو يعبّر عن موقف او رأي دون أن ينطق بكلمة. إن التصوير ليس مجرد تسجيل بصري، بل هو لغة حرة تنبض بالمشاعر و الاحاسيس والرسائل.
عدسة تعكس الذات
لكل مصوّر طريقته في النظر إلى العالم، وهذا ما يجعل الصورة أداةً شخصية بامتياز. في اختيار الزاوية، الضوء، اللحظة، والمشهد، تظهر حرية المصوّر الداخلية، وتنعكس نظرته الفريدة للحياة. هنا، تتحول الصورة إلى مرآة تعكس الذات، وتُبرز الاختلاف لا كمصدر للفرقة، بل كقيمة تضيف غنى للتجربة الإنسانية.
مقاومة بالصورة
في أزمنة القمع، غالبًا ما كان التصوير وسيلة للمقاومة. صور الحروب، المظاهرات، أو حتى المشاهد اليومية للمهمّشين، كانت دائمًا تحمل رسالة صامتة، لكنها أقوى من آلاف الكلمات. الكاميرا كانت وما زالت وسيلة لكسر التعتيم، وتوثيق الحقيقة، ونقل صوت من لا صوت لهم.
حرية المتلقي
تمامًا كما يتمتع المصوّر بحرية الالتقاط، يمتلك المتلقي حرية التفسير. فكل صورة تحمل أكثر من معنى، ويمكن أن تُقرأ بطرق مختلفة حسب الخلفية الثقافية والعاطفية لكل شخص. وهذا التفاعل بين المصوّر والمشاهد يعزز قيمة التصوير كفن حيّ، يشجع على التفكير والتأمل بدلًا من التلقين.
بين الإبداع والمسؤولية
رغم أن الحرية جزء أساسي من التصوير، إلا أنها لا تعني الفوضى أو الاستغلال. فالصورة قد تكون أداة بناء كما يمكن أن تتحول إلى وسيلة تشويه. لذلك، تبقى حرية التصوير مرتبطة بالوعي والمسؤولية، تمامًا كما هي الحال في كل أشكال الفن.
في النهاية التصوير ليس فقط فنًا بصريًا، بل هو أيضًا تجسيد حيّ للحرية. في كل صورة تُلتقط، هناك قرار، واختيار، ورسالة. وكلما حملت العدسة صدق المصوّر وحرية نظرته، كلما اقتربنا أكثر من الحقيقة، والجمال، والإنسان.
لحسن بلقاس