دمنات – إقليم أزيلال
في زاوية منسية من مدينة دمنات، يقف حي إكنان شاهدًا على وجع التهميش المقصود والإقصاء الممنهج، حيث تتحول متطلبات الحياة اليومية من إنارة وطرق وماء إلى ترفٍ مؤجل، لا لشيء سوى أن سكان هذا الحي اختاروا التعبير بحرية في صناديق الاقتراع.
الحي الذي يحتضن تاريخًا اجتماعيًا وثقافيًا عريقًا، ويضم مئات الأسر التي ساهمت في نسيج المدينة، يعيش اليوم واقعا عمرانيًا وخدماتيًا أقرب إلى القرى المعزولة، رغم تصنيفه كحي حضري.
لا طرقات مهيأة، ولا إنارة عمومية، ولا شبكات صرف صحي، في وقت تعرف فيه أحياء مجاورة مشاريع متلاحقة وتحسينات متواصلة، ما يعمق الإحساس بالتمييز بين المواطنين داخل نفس المدينة.
السكان الذين تحدثوا بحرقة، لم يخفوا شعورهم بالظلم والغبن، متسائلين عن خلفيات هذا الإقصاء، وسط حديث يتردد في الأوساط المحلية عن كون الحي يتعرض لـ”عقاب سياسي” ، على خلفية نتائج الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
إن كانت هذه الأنباء صحيحة – يقول المواطنون – فإننا نكون أمام تحريف خطير لوظيفة المؤسسة المنتخبة وتحويلها من أداة لخدمة المواطن إلى أداة للانتقام منه. وهي ممارسة، إن ثبتت، لا تمس فقط بحقوق الساكنة، بل تُشكّل إهانة صريحة لمبادئ الديمقراطية والتعددية، ولمقتضيات الدستور المغربي الذي يضمن حق المواطن في التعبير الحر دون ترهيب أو تمييز.
وفي هذا السياق، يستحضر العديد من الفاعلين المحليين التوجيهات الملكية السامية، والتي شددت غير ما مرة على ضرورة ضمان العدالة المجالية، ورفض كل أشكال المغرب بسرعتين. إلا أن ما تعيشه بعض الأحياء بدمنات، وفي مقدمتها إكنان، يكشف عن فجوة عميقة بين الخطاب الرسمي والممارسة على الأرض.
أمام هذا الوضع، تتوجه أصوات من سكان الحي بنداء صريح إلى السيد عامل إقليم أزيلال، بصفته ممثل صاحب الجلالة وضامن احترام القانون، من أجل فتح تحقيق شفاف في ما يجري، والوقوف شخصيًا على واقع الحي، مع تحميل المسؤولية لكل من ثبت تورطه في تعطيل مشاريع التنمية لأسباب حزبية أو انتقامية.
كما يؤكد السكان أن ما يطالبون به لا يتجاوز الحق الدستوري في العيش الكريم، والإنصاف، والتمتع بالمرافق والخدمات الأساسية، دون الحاجة إلى تقديم الولاء السياسي أو الدخول في حسابات لا تعنيهم كمواطنين.
حي إكنان اليوم لا يطلب صدقة، بل يطالب بعدل طال انتظاره…
ويؤمن ساكنوه أن الدولة القوية بعدالتها، لا تُجرد المواطنين من حقوقهم لمجرد أنهم اختاروا بحرية.