أطلس سكوب
أطلس سكوب موقع اخباري مغربي
afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

مريم الدمناتي المدافعة الشرسة عن الأمازيغية


نصر الله البوعيشي


       ولدت المناضلة الامازيغية  مريم الدمناتي باكادير من ام سوسية من ايت اغروض ومن اب دمناتي يشتغل بالسلك العسكري وارتباطا بعمل  والدها  فقد كانت الاسرة   تنتقل بين مختلف مدن المملكة، أمضت  مرحلة الشباب بمراكش  هذه المدينة الغالية على قلبها والتي لا زالت اسرتها تعيش بها  ، تابعت دراستها بثانوية  فيكتور هيكو  ، وهي ثانوية فرنسية بمراكش لا يلجها الا ابناء الاجانب وبعض ابناء الاعيان ،وعندما حصلت على شهادة الباكالوريا توجهت  الى مدينة بوردو بفرنسا  حيث قضت 6 سنوات في دراسة علم الاجتماع توجت بحصولها على شهادة الباكالوريوس.

 بفرنسا ناضلت في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب  والتقت بامازيغ مغاربة وجزائريين وغيرهم   و انخرطت في جمعيات منطقة القبائل ، و بدأت تفكر في كيفية اكساب اللغة والثقافة الامازيغية حقوقها اللغوية  مثل اللغة العربية  . وعند عودتها الى المغرب  انخرطت في سلك التعليم و اشتغلت بمركز تكوين اساتذة اللغة الفرنسية بالمدرسة العليا للاساتذة بمراكش  ، ورغم ذلك فإنها غير راضية لان كل أملها ومناها أن تكون اللغة التي تدرسها هي  اللغة الامازيغية  ، ونظرا لعدة اعتبارات فان ذلك لم  يكن متاحا في تلك الفترة .  بمراكش انخرطت السيدة مريم الدمناتي  في الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، و رغم ان حرية التعبير والاجتماع في تلك الفترة كانت مقيدة ورغم الصعوبات فقد ناضلت من اجل اسماع صوت الامازيغية والمطالبة بحقوق الناطقين بها .

   السيدة مريم الدمناتي  شخصية امازيغية ناضلت بقوة في صفوف الحركة الثقافية الامازيغية و وهبت كل حياتها لاجل ترسيم الامازيغية لغة وطنية في الدستور المغربي وان تأخذ مكانتها اللائقة مثلما هو الحال للغة العربية ، و بصمت   عن حضور نضالي  متميز اثناء البيان الامازيغي مارس 2000 من خلال التعبئة والتحضير للبيان والذي كان نقلة نوعية في حياتها .

        ففي سنة 2000 وبعد سنوات من النقاش االداخلي بين المناضلين الامازيغ توصلوا الى اصدار البيان  الامازيغي الذي حدد المعالم الاستراتيجية للغة الامازيغية كموروث ثقافي وهوياتي للمغرب وبذلك جاء البيان الامازيغي لتحديد مجموعة من المطالب في مقدمتها الاعتراف الدستوري بالامازيغية كلغة رسمية و وطنية  .

 وقد تظافرت عوامل عدة لترسيم اللغة  الأمازيغية  منها انتشار الحركة الأمازيغية في كل مناطق المغرب من الشمال إلى الجنوب، وانتهاج أسلوب الحوارالفكري والسياسي عوض التصادم والعنف الذي ميز بلدان الجوار، و كذلك  حرص  النظام السياسي الملكي بالمغرب على الحفاظ على التوازنات الداخلية لدوام الاستقرار.  وبعد ان كانت الامازيغية تعاني  من سياسة يطبعها الميز الصارخ جراء تبني إيديولوجيا القومية العربية، احيانا  بشكل مباشر وصريح،أصبحت وضعية الأمازيعية حاليا بالمغرب هي وضعية اللغة الرسمية أي لغة المؤسسات ولغة الدولة، وهذا يعطيها الحماية القانونية التي كانت تطالب بها الحركة الأمازيغية منذ مدّة طويلة. 

     بعد القرار السياسي لـ 17 أكتوبر 2001  الذي كان حدثا تاريخيا ، وبعد ترسيم الدستور للغة الامازيغية كلغة وطنية وحين  قيام المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية  كانت  مريم الدمناتي من أول الملتحقين  به كعضوة في المجلس الاداري و كباحثة في ديداكتيك الامازيغية لتقدم مجهودا منقطع النظير في تأليف المناهج الأمازيغية وتقديم الدورات التدريبية لمدرسي اللغة الأمازيغية وكذا إعداد المناهج لمحو الأمية الأمازيغية.

     ورغم صدور القانون التنظيمي الذي  يضمن الحفاظ على مكتسبات الأمازيعية الأربعة والتي هي الإلزامية والتوحيد والتعميم وحرف تيفيناغ  ورغم ان التعليم هو أساس نجاح كل هذه العمليات الاربع فإن حصيلة ما تمّ في مجال التعليم حتى الآن لا يرقى إلى مستوى طموحات المناضلين الامازيغ وفي مقدمتهم السيدة مريم الدمناتي ، لان   التعميم الذي تمّ إقراره أفقيا و عموديا في أفق سنة 2011 ، و الذي كان ينبغي أن يشمل سائر المدارس على كافة التراب الوطني قد تراجع وانحسر حيث تخلى العديد من المدرسين عن تدريس هذه المادة، كما أن درس الأمازيغية لم يتجاوز عمليا السنوات الأولى من التعليم الابتدائي ،مما يحتم إعادة صياغة برمجة مكانة هذه اللغة في النظام التربوي المغربي بما يتناسب مع مكانتها في الدستور  ، هذا الأمر يتطلب تغييرا عميقا وجذريا في الذهنية المغربية، وهذا ما يجعل من إعادة قراءة تاريخ المغرب أمرا حتميا وضروريا، لأنه من غير الممكن إنصاف الأمازيغية بدون تغيير نظرة المغاربة إلى ذواتهم وهذا يقتضي تعديلا كبيرا في التاريخ الرسمي المعتمد حتى الآن. 
           مريم الدمناتي عضو في الكثير من المنظمات والجمعيات الأمازيغية ولها نضال  ملحوظ في الجمعيات النسائية الأمازيغية. عضوة في المنظمة النسائية العالمية للشعوب الأصلية في نيروبي كينيا، عضو مؤسس في الكونغرس العالمي الأمازيغي في تافيرا، عضو في الكونغرس العالمي لنساء الشعوب الأصلية، وهي مؤسس لمنظمة مجمع النساء الأمازيغيات في طنجة والذي إنضم له مجموعة من النسوة الليبيات سنة 2012.
مريم عضو في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ولها محاضرات ومساهمات في كل المجالات المتعلقة بالعمل والنشاط الأمازيغي الحقوقي منها.


    و تعد قضية المرأة ّ من القضايا الحيوية التي تقع في مركز اهتمام السيدة مريم الدمناتي  و ذلك اعتبارا لكون المرأة في الثقافة الأمازيغية هي مركز الحياة الأسرية والإجتماعية، حيث ما زالت بعض مظاهر الأميسية القديمة مستمرة في كثير من التقاليد والعادات و أشكال التعبير اللسني، كما أنها حاملة اللغة و الثقافة الأصليتين، وتلعب الدور الرئيسي في نقلهما إلى الأجيال الجديدة، و هو ما يقتضي تمتيعها بكل الحقوق التي تسمح بإدماجها العملي في المشروع التنوي و بإعطائها فرصة الإسهام الفعال في مختلف الأوراش المؤثرة و التي تعد رافعة لإنجاح الإنتقال نحو الديمقراطية، و الحفاظ في نفس الوقت على الإرث الرمزي الأمازيغي المتجذر في البنيان الحضاري المغربي .

    قامت  السيدة مريم الدمناتي الى جانب مناضلين  أمازيغ اخرين بتأسيس المرصد الامازيغي للحقوق والحريات حيث  تؤطر العديد من الندوات داخل المغرب وخارجه حتى توصل الرسالة الى الناس الذين يمارسون السياسة واولائك الذين يدافعون عن حقوق الانسان ،  كما انضمت الى حركة 20 فبراير من اجل اعلاء شأن الامازيغية .

   للسيدة مريم الدمناتي عدة مؤلفات كلها تصب في صالح الحقوق الثقافية الإجتماعية والسياسية للأمازيغ،  الفت عدة كتب مثل :” نحن نساء الشعوب الاصيلة لافريقيا” سنة 1998 الذي صدر بهولندا حيث تدافع فيه عن حقوق النساء بالاضافة الى تاليف سلسلة من الرسوم المتحركة للاطفال باللغة الأمازيغية  وكتاب أخر عن الاسلام ومقالات متعددة على صفحات الجرائد . في المعهد الملكي للثقافة الامازيغية اشتغلت رفقة مجموعة من الباحثين على اول كتاب مدرسي ” تفاوين تمازيغرت “وفي تاليف كتب  مدرسية من المستوى الاول الى المستوى السادس ابتدائي. الفت السيدة مريم الدمناتي كتبا اخرى مثل :” تلاست” و”ايدير انلماذ اماينو” وقصة ملكة ايت اوفلا “ولها عدة مناشط ومحاضرات داخل وخارج تامازغا وخصوصا في أوروبا وأمريكا الشمالية.

السيدة مريم الدمناتي تكتب وتقرا وتقرض الشعر بالامازيغية   وقد سبق تكريمها في عدة مناسبات .


تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد