أطلس سكوب
صدر للكاتب محمد رفيق، عمل روائي ثان من الحجم المتوسط، يحمل عنوان ” سيرة العبور الأخير”، عن دار النشر الموجة الثقافية. تجربة جديدة في الكتابة، في ظل واقع تستوعبه الحروب، وانتشار بؤر التوتر في كل بقع العالم مما يشي بسوداوية تحكم الوجود الإنساني وترهنه لمستقبل غامض. هو نص روائي تمت كتابته سنة 2019 قبل كورونا، يؤسس لسفر جديد من أجل إيجاد منفذ للحياة، وبوصلة تنير السبيل، بعد نهاية مأساوية عنوانها حرب عالمية بين القوى المسيطرة على كل كبيرة وصغيرة في العالم، تأتي على كل شيء جميل وخاصة البيئة والإنسان، إنها نهاية دمرت الإنسان وأتت على كل بقعة خضراء في كارثة بيئية، فلا الطبيعة نجت ولا الإنسان نجا، إلا من أعطته الحياة نَفَسا ممن نجا، ويحاول أن يستعيد الوجود. فهل من سبيل إلى الخروج من هذه الأزمة؟ بطل الرواية بأحداثها وقواها الفاعلة، تبحث عن ملاذ في الوجود، ممن نجا من بني البشر في الصراع مع قوى الشر، علَّها تكتب بداية جديدة، وهي تطارد الأمل وسط الآلام والأزمات.
تقول الرواية في بداية أحداثها ” هل يمكن أن نكتب البداية في صرح الحرب، متى انتهى العالم من بناء عناصر هدم كيانه بكل سلاسة وتقنية. إن للحب غواية وشغفا، ترتسم معالمه بين الوصال والهجر، وفي كل صد انتصار للآخر على الذات. ومتى انتقى الحب ضحية، فقد كتب عنوان قصيدة جديدة. قد لا يكون إلا ملاذا لرسالة عابرة أخطأت الطريق. وقد يكون للآخر الغامض والبعيد موطن قدم في هزيمة عابرة. تُؤتي القوة ولا تُخَلّف إلا موتا جانبيا. وقد يأتي على لقاح كائنات الطبيعة دون أن ينتصر على الحب. والحرب لها ضحايا أيضا، تأتي عليها في الطريق. فكيف لعاطفة جياشة ووجدان آسر أن يكونا مع القتل وضده في الآن نفسه؟ فكيف يجتمعان ؟ ومتى يفترقان؟ إن النار حين تَـتَّـقِـدُ تأتي على كل شيء. وحين تنتهي من محيطها والذي في طريقها وجوانبها. فإنها تبحث عما تلتهم فلسانها اللاهب مُتَّقْدٌ يتطاول على نفسه. فحين لا تجد ما تلتهم، تلتهم ذاتها.
ومع ذلك فالنار وإن كانت جائرة، فهي ذات نَفَسٍ في البحث عن كشف خيوط الظلام، وإنزال الطعام ودرء الأعداء عن المكان، وغسل البدن وكل بنان من سقم القر. فكما أن للحب غنيمة، فللنار أيضا غنيمة. لذلك يسافر الحب مع النار في طريق الحرب لكشف الأسرار. هل يُعيد الحب ما التهمته النار في هذا المسار الأبدي الذي تخطه الإنسانية مند أن وطأت الوجود، واستكانت العداوة والصداقة في رسم أُصُص حركة الأضداد في الحياة ؟. فالأصل دائما في البداية، حتى وإن كان أسطورة مقدسة، تعتصر أسئلتها في كشف الغامض في الوجود والكون، بحثا عن بلوغ حَدّ معين من الأجوبة عن المنطلق. إلا أنها ما تلبث عن أن تبحث لها عن ملاذ جديد من الأسئلة، يعيد طرح سؤال البداية في سبر أغوار الذات والكون.
وقد تأتي الحياة بنهاية كارثية تأتي على كل شيء، حتى وإن تقاسم القبح والجمال الأطراف. ففي ذلك علامة أخرى على استمرار الحياة، والعودة إلى بداية أخرى، كانت تبدو إلى العهد القريب نهاية بلا بداية.