بعد عقود من العمل في أقاصي الوطن، مطلب التسوية الشاملة لا يزال مؤجلاً
رغم السنوات الطوال التي قضوها في خدمة المدرسة العمومية، خصوصًا في المناطق القروية والوعرة، لا يزال ملف المعلمين العرضيين يراوح مكانه، عالقًا بين وعود مؤجلة ومراسلات إدارية لا تنتهي. هؤلاء الذين كانوا دومًا في مقدمة الصفوف حين نادى الوطن، لم ينالوا بعد ما يليق بتضحياتهم من إنصاف أو اعتراف.
فئة من نساء ورجال التعليم اشتغلت في ظروف قاسية، برواتب زهيدة وغياب تام لأي تغطية اجتماعية، وقدمت خدمات جليلة في زمن الخصاص الكبير. ومع ذلك، وجد كثير منهم أنفسهم اليوم، بعد الإحالة على التقاعد، أمام معاشات لا تتعدى 1500 درهم، بالكاد تضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم. بل إن بعض أراملهم وأبناءهم يعيشون أوضاعًا أكثر هشاشة، بعد أن طُوي ملف المعيل دون أثر يُذكر من الدولة.
وإن كانت بعض الفئات التعليمية قد عرفت تسويات جزئية في وقت سابق، فإن فئة العرضيين لا تزال تنتظر التفاتة حقيقية. فقد استفاد فقط 2880 أستاذًا وأستاذة من عملية احتساب سنوات العمل ضمن النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR)، بينما لا يزال حوالي 1551 آخرين خارج هذا الإطار، في انتظار وعد وزاري بتسوية الملف قبل متم ماي الجاري… وعد لا يزال معلقًا، دون أي بلاغ رسمي يبدّد الغموض.
لكن جوهر مطلب هذه الفئة يتجاوز مجرد احتساب سنوات العمل في RCAR، فهم يطالبون كذلك بإدماج سنوات الخدمة ضمن النظام المغربي للتقاعد (CMR)، واحتسابها في الأقدمية العامة، مع إعادة ترتيب وضعيتهم الإدارية والمالية، وتعويضهم عن الضرر النفسي والاجتماعي الذي طالهم طيلة سنوات العطاء الصامت.
لقد لعب المعلم العرضي دورًا محوريًا في تعميم التمدرس بالمناطق النائية، وكان في طليعة من واجهوا تحديات التعليم في المغرب العميق. ومع ذلك، لا يزال بعيدًا عن أي اعتراف مؤسساتي واضح، وكأن سنوات التضحية ذهبت هدرًا في زمن يغيب فيه التقدير.
وإلى أن يتحقق الوعد، تظل الأسئلة معلقة:
هل سيجد هذا الملف طريقه إلى تسوية عادلة ومنصفة؟
وهل سترد وزارة التربية الجميل لمن حملوا على أكتافهم عبء التعليم حين عزّت الموارد؟
إلى ذلك الحين، يظل المعلم العرضي عنوانًا حزينًا لمرحلة من النسيان… مرحلة كتبتها التضحية، ووقّعتها اللامبالاة.