أطلس سكوب
أطلس سكوب موقع اخباري مغربي
afterheader desktop

afterheader desktop

after Header Mobile

after Header Mobile

تجربة النقل المزدوج

بقلم/جمال أسكى

بقلم/جمال أسكى
كثيرا ما شكل لي “النقل المزدوج” قلقا فكريا، وطالما تمنيت أن أفك “طلاسيم” هذا النوع من النقل الذي ينشط بكثرة، وبشكل حصري مثل قنوات بين سبورتس في مناطق “المغرب المنكوب المنسي”. وأول ما يثير فضول الخلايا الدماغية لقشرتي المخية هو اسم ” النقل المزدوج”. لماذا يسمى مزدوجا يا ترى؟ وهل هو مزدوج، بكسر الواو أو فتحها؟ هل هو فاعل أم مفعول به؟ ولماذا يترجم في الفرنسية ب “mixte” أي مختلط. ما الذي يجعله في العربية “مزدوجا” وفي الفرنسية “مختلطا”؟ ما المزدوج فيه وما المختلط؟
للإجابة عن كل هذه الأسئلة الفلسفية المرتبطة بالنقل المزدوج، المعروف اختصارا ب”النقل”، قررت ركوب التحدي، والخضوع لتجربة علمية عملية داخل مختبر عربة “النقل”..

أول شيء مزدوج في هذا النقل المزدوج العجيب هو “الوقت”، حيث أن الموعد المفترض لانطلاقه والموعد الفعلي لمغادرته المحطة الطرقية “مضوبل”. كما أن كراسيه مزدوجة أيضا فيما يشبه “الكار”، بالعربية الفصحى، وليس الإنجليزية. وقد سمعت فعلا البعض يسميه “كار”. وطبعا هناك كراسي “متحركة” يتم استعمالها، في “الكولوار” بعد امتلاء “المقاعد الثابتة”. والمزدوج، أيضا، ولكن هاته المرة بالمقلوب، هي الطريق التي يسلكها “النقل” حيث تحس أنك تسير على “مسطرة” شبه منحرفة، وليس على “شانطي”. فالمسلك عبارة عن بقايا طريق أنجزها المستعمر الغاشم، مشكورا، قبل أزيد من نصف قرن.

أما المختلط في النقل المزدوج فكثير جدا: باعتبارنا دولة حداثية تقدمية، فهناك الإختلاط بين الجنسين. كما تختلط الروائح من كل المشارب الفكرية، والإتجاهات السياسية.. وأهم اختلاط هو ذلك الذي يجمع بني البشر ببني الماعز وبني الخرفان. أصوات البهائم تختلط بنكث السائق، وروائح الإفرازات الطبيعية تتناغم مع روائح المازوط وإعادة تدوير الطعام.. وسقف يقطر بسبب الأمطار الرعدية..

“النقل” غالبا ما ينقلك من عالم المثل الأفلاطوني إلى العالم الماركسي حيث البنية التحتية تتحكم في البنية الفوقية. والحقيقة أن البنية التحتية تحت “التحت” أي تم التهام ميزانيتها ” تحت الدف” بينما بقيت ” الفوقية” يلبسها الرجال لستر “بنيتهم التحتية” التي تعاني هشاشة العظام بسبب الفقر والشجاعة.. و مهما كانت قوة وصلابة فرامل وعجلات “النقل” فإنه يصل إلى “اللابيست” أي نهاية الطريق المعبدة و “البيست” معا.. ويصبح المسكين في حاجة إلى من ينقله إلى “الطرف الآخر” حيث المعاناة غدت خبزا يوميا ل”شعب الجبال”.. ويصبح، لزاما، التنقل عن طريق ركوب الدواب لإتمام مسيرة حياة ابتسمت للبعض وكشرت عن أنيابها للبعض الآخر…


تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد